آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم وإثبات معجزاته الباهرة للعقول اعداد ولاء عاطف محمد قسم انجليزى عام
آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإثبات معجزاته الباهرة للعقول
اعلم أخي القارئ أنه قد كان في الأنبياء عليهم السلام من له المعجزة والنبوة معاً مثل موسى والمسيح عليهما السلام وقد ذهبت معجزاتهما بذهابهما، فلم يبق في أيدي الناس منها إلا ذكرها، ومنهم من كانت له نبوة ولم تكن له معجزة مثل زكريا وناحوم وميخا وملاخي وغيرهم، وها هو يوحنا المعمدان يقول عنه متى
(يوحنا عند الجميع نبي)) متى 21: 26، و في موضع آخر((أفضل من نبي)) متى 11: 9 ورغم ذلك لم يأت بآية واحدة، يقول يوحنا
(فأتى إليه كثيرون و قالوا أن يوحنا لم يفعل آية واحدة)) يوحنا 10: 41. وقد أثبت كتاب النصارى المقدس نبوة جماعة من النساء مثل: مريم أخت موسى [خروج 15 عدد 20] وحنة بنت فنوئيل [ لوقا 2 عدد 36 ] وخلده [ 2 ملوك 22 عدد 14 ] ودبوره [ القضاة 4 عدد 4 ] وأستير، وغيرهن ولم يكن لواحدة منهن كتاب ولا معجزة إلا أنهن معدودات في زمرة الأنبياء عندهم.
وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد جمع الله له النبوة والمعجزة معاً وقد كانت معجزة القرآن الكريم المعجزة العقلية البيانية التي جاء بها الرسول الأمي هي من أعظم معجزاته وقد تميز بها على سائر الأنبياء ببقائها حتى قيام الساعة، أما معجزات من سبقه من الأنبياء فقد كانت معجزات حسية انتهت بانتهاء وقتها، فلو أنك سألت أي نصراني اليوم أرني معجزة من معجزات المسيح فلن يجيبك.
وبجانب معجزة القرآن الكريم - أخي القارئ - هناك الكثير من المعجزات والآيات الحسية قد قام بصنعها الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرتها الأحاديث الصحيحة وقد أشار إليها القرآن الكريم بكل وضوح كما في قوله تعالى في سورة الصافات: { وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا أن هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }
ففي هذه الآية الكريمة نجد أن الـتعبير بـ(وَإِذَا رَأَوْا آيَةً) يدل بوضوح على أنهم شاهدوا معجزة أو معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم، الأمر الذي أجمع عليه كافة علماء المسلمين المعتبرين في العالم ودلت عليه الروايات المتواترة أيضاً. ومن المسّلم به أن الآيات القرآنية سمعية وليست بصرية، وعليه لا يمكن أن يكون قوله تعالى
(وَإِذَا رَأَوْا آيَةً)) عائد للآيات القرآنية، بالإضافة إلى ذلك فأن التعبير بـ
(السحر المبين)) يتناسب تماما مع الـمـعجزات وخوارق العادات، والواقع أن اتهامهم نبي الإسلام بالسحر، وترويجهم لهذه المسالة بشكل واسع يدل على أنهم رأوا منه خوارق عادات ومعجزات،
أما ما ذهب إليه البعض أن هناك آيات في القرآن الكريم تدل على أن نبي الإسلام لم يمتلك معجزة سوى القرآن الكريم واسـتـدلالهم بالآية 59 من سورة الإسراء التي تقول: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون}، وكذلك بالآية 90 إلى 93 من سورة الإسراء والتي جاء فيها: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً * أو تكون لك جنة من نخيل و عنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً * أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله و الملائكة قبيلاً * أو ترقى في السماء و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً}.
فالجواب عن ذلك هو:أن هؤلاء المشركين لم يكن يقترحون ويسألون عن تلك المعجزات اِسْتِرْشَادًا وطلباً للحق وإنما كانوا يَطْلُبُونَ ويقترحون ذَلِكَ كُفْرًا وَعِنَادًا فعند طلب أمثال هذه المعجزات مع الإعراض عن المعجزة الحقيقية لنبينا صلى الله عليه وسلم والمعجزات الأخرى، عند ذلك لم يستجيب الله عز وجل لطلب المشركين، إذ أن طلبهم ليس لعدم قيام الحجة الكافية بل هو نوع من التعنت و التعجيز، و قد كانوا كلما رأوا معجزة يقولون سحر مستمر أو ساحر مبين كما ذكرنا سالفاً… وقد قال الله سبحانه وتعالى عنهم: {ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون} فحتى لو نزلت هذه الآيات فلسوف يعيدون ذلك القول.
فالحاصل: أن عدم إجابة المشركين على تعنتهم لا تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت بآيات، فإن هذا يرده التأمل في معجزة القرآن وما نقل من معجزاته صلى الله عليه وسلم المبثوثة في كتب الحديث ودلائل النبوة.
يقول أهل التفسير في قوله تعالى: { وَمَا مَنَعَنَا أن نُرْسِل بِالآيات إلا أن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ } أي وَمَا مَنَعَنَا أن نُرْسِل بالآيات الَّتِي اقْتَرَحَهَا أَهْل مَكَّة إلا أن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ لَمَّا أَرْسَلْنَاهَا فَأَهْلَكْنَاهُمْ وَلَوْ أَرْسَلْنَاهَا إلى هؤلاء لَكَذَّبُوا بِهَا وَاسْتَحَقُّوا الإهلاك وَقَدْ حَكَمْنَا بِإِمْهَالِهِمْ لإتمام أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى الطبري عن الحسن فِي قَوْل اللَّه تَعَالى:{وَمَا مَنَعَنَا أن نُرْسِل بِالآيات إلا أن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ} قَالَ: رَحْمَة لَكُمْ أَيَّتهَا الأمة، أنا لَوْ أَرْسَلْنَا بالآيات فَكَذَّبْتُمْ بِهَا، أَصَابَكُمْ مَا أَصَابَ مَنْ قَبْلكُمْ. وجاء في تفسير القرطبي: وَمَا مَنَعَنَا أن نُرْسِل بالآيات الَّتِي اِقْتَرَحُوهَا إلا أن يُكَذِّبُوا بِهَا فَيَهْلِكُوا كَمَا فُعِلَ بِمَنْ كَأن قَبْلهمْ. فَأَخَّرَ اللَّه تَعَالى الْعَذَاب عَنْ كُفَّار قُرَيْش لِعِلْمِهِ أن فِيهِمْ مَنْ يُؤْمِن وَفِيهِمْ مَنْ يُولَد مُؤْمِنًا. قال الإمام ابن كثير: وَكَذَلِكَ وَقَعَ فَإن مِنْ هؤلاء مَنْ أَسْلَمَ بَعْد ذَلِكَ وَحَسُنَ إسلامه حَتَّى عَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة الَّذِي تَبِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ أَسْلَمَ إِسْلَامًا تَامًّا وَأنابَ إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
أن المعجزات التي اقترحها هؤلاء لا تستند إلى أساس البحث عن الحقيقة، وإنما هي (اقتراحية) وتعللية، ولو نفذت طلباتهم لما آمنوا أيضًا.
هذا وأن الالتفات إلى الكلمة التي وردت في أقوال جمع من المفسرين الكبار توضح أن المعجزات على نوعين:
الـنـوع الأول: هي المعجزات الضرورية لإثبات صدق دعوى النبي، وترغيب الناس إلى الإيمان، وتخويف المنكرين، وهي المعجزات المنطقية لناشدي الحق والباحثين عن الحقيقة، بحيث يعبر القرآن في ذيل الآية الأولى منها بقوله: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا}، (سورة الإسراء: 59).
الـنـوع الـثاني من المعجزات: هي المعجزات التي تسمى بـ(الاقتراحية)، أي المعجزات التي يطالب بها لا لأجل سلوك سبيل الحق واليقين بصدق دعوى النبوة ومن ثم الإيمان واعتناق الإسلام، وإنما بقصد تعجيز الطرف الآخر فأن وجدوا به قدرة على ذلك اتهموه بالسحر.
والأنبياء كانوا يتجهون صوب القسم الأول ولا يستسلمون إطلاقا لمقترحات المتعللين والمعجزات الاقتراحية. وفي الأناجيل التي مع النصارى نجد أن هناك حالات لم يقدر المسيح عليه السلام أن يعمل فيها معجزات كما في مرقس 6: 5:(ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة) ويقول مرقس أيضاً
فخرج الفريسيون و ابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه، فتنهد بروحه، وقال: لماذا يطلب هذا الجيل آية؟ الحق أقول لكم: لن يعطى هذا الجيل آية. ثم تركهم…)(مرقس 8/11-13).
يـشير لحن الآيات 90 ـ 93 من سورة الإسراء بشكل واضح إلى أن هذه المطالب العجيبة والغريبة لمشركي العرب لم يكن منشؤها هو البحث عن الحقيقة، بل الغاية منها هي اختلاق الأعذار والـتـشكيك في نبوة نبي الإسلام وإرساء دعائم الشرك والصنمية، ولذا لم يتمعنوا النظر حتى في مفهوم كلامهم، فمن ضمن مطالبهم مثلاً(الصعود إلى السماء)، ثم ينفون ذلك مباشرة ويقولون: نحن لا نؤمن بذلك حتى تبعث لنا كتابا من قبل اللّه، {أو ترقى في السماء و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه } وتـارة يطلبون الأمور المستحيلة كقولهم: {وَقَالُوا لولا أنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أنزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [ الأنعام: 8 ]
ثم إذا كان الهدف هو التوصل إلى معرفة حقيقة النبي فلم يطلبون ست معجزات مختلفة؟ أليس المورد الواحد منها كافيا؟.
من هنا لم يتسن لأي نبي أن يستسلم لهذا النوع من الأراجيف والأباطيل، فضلا عن أن الإعجاز ليس من شأن النبي واختياره، وإنما هو من شأن اللّه تعالى واختياره.
أن الـنـبي بإمكانه أن يطلب المعجزة من اللّه واللّه تعالى يضع بين يديه أي مورد يراه صالحًا، ولهذا نـقـرأ في ذيل الآيات 90 ـ 93 من سورة الإسراء هذا المعنى
قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرًا رسولاً) وكذا في سورة الرعد آية 38:(وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن اللّه).
مـلخص الكلام هو أنه من الصحيح القول: بأن القرآن لوحده معجزة خالدة، ولو لم يكن هناك معجزة أخـرى سـوى هذه المعجزة للنبي لاستطاعت أن تكون شاهداً على صدقه، ولكن هذا لا يدل على أن الـنبي لم يمتلك معجزات جسمانية ومادية غير هذه المعجزات الروحية والمعنوية، بل ذهبت الآيات والـروايـات والـتـواريخ الإسلامية وسيرة النبي إلى القول: بأنه كان يمتلك ذلك، ولا شك في أن انـضـمـام الـمعجزات المحسوسة والمادية إلى تلك المعجزة المعنوية الكبيرة يظهر حقيقة الدعوة النبوية بصورة أجلى وأوضح.
ولنذكر الآن بعض من المعجزات الحسية التي قام بصنعها رسولنا الكريم:
1- معجزة نبوع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم:
روى البخاري عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء فأمر الناس أن يتوضئوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم. [ صحيح البخاري ج 1 / ص 74] [ صحيح مسلم ج4 / ص 1783 ] [ صحيح ابن حبان ج/14 ص/ 477 ]
وروى البخاري عن جابر بن عبد الله قال: عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة(أي أناء صغير من جلد) يتوضأ فجهش الناس نحوه(أي تجمعوا) قال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة. [ صحيح البخاري ج / 3 ص1310/ ] [ صحيح ابن حبان ج14/ص480 ]
والروايات في هذه المعجزة مشهورة بين الصحابة وقد رواها جمع كثير منهم أنس وجابر بن عبد الله وابن عباس، والبراء بن مالك وأبو قتادة، وغيرهم وخبرها متواتر مستفيض. وقد تكررت في أكثر من مناسبة.
2- معجزة شفاء علي رضي الله عنه وغيره من الصحابة:
قال عليه الصلاة والسلام في غزوة خيبر:-(لأعطين هذه الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال: "أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال : "فأرسلوا إليه (ائتوني به) فأُتي به فنفث في عينه بقليل من ريقه عليه الصلاة والسلام فبرأ لتوه ولم يمرض بعينه قط. [ رواه البخاري في كتاب الغزوات ورواه مسلم في باب فضائل الصحابة ]
وقد قام المسيح عليه السلام بالتـفل في عين أحد العميان فشفي من مرضه [ مرقس 8: 22 ]
(وجاء إلى بيت صيدا.فقدموا إليه أعمى وطلبوا إليه أن يلمسه. فاخذ بيد الأعمى وأخرجه إلى خارج القرية وتفل في عينيه ووضع يديه عليه وسأله هل أبصر شيئًا.))
_ وأصيب سلمة يوم خيبر بضربة في ساقه، فنفث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث نفثات فما اشتكاها قد. عن يزيد بن أبي عبيد قال
(رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس أصيب سلمة … فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيها ثلاث نفثات، فما اشتكيت حتى الساعة.)) [ صحيح البخاري ج 4 / 1541/ صحيح أبي داود / 3295 صحيح ابن حبان ج14 / ص 439]
_ وعن البراء بن عازب رضي الله عنه: أن عبد الله بن عتيك لما قتل أبا رافع ونزل من درجة بيته سقط إلى الأرض فانكسرت ساقه، قال: فحدثت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أبسط رجلك" فبسطها فمسحها فكأنما لم أشكها قط. [ صحيح البخاري ج 4 / ص 1483]
_ وعن معاذ بن رافع بن مالك عن أبيه قال
(رميت بسهم يوم بدر ففقئت عيني فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي فما آذاني منها شيء)) [ أخرجه ابن أبي شيبه والحاكم والبيهقي وأبو نعيم ]
3- معجزة ردّ عين قتادة بعد تدليها:
في غزوة أحد أُصيب قتادة بن النعمان في عينه حتى سقطت وتدلت على وجـنته(أي على أحد خده) فردها عليه الصلاة والسلام بيده الشريفة فبرأت على الفور، وصارت عينيه تلك أحسن عينيه... فتلك من آيات الله التي أيد الله بها رسوله. والرواية أخرجها ابن إسحاق في السيرة النبوية(3 / 30)، وابن حجر في الإصابة، وابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة النعمان، وأبو يعلى، والبيهقي في الدلائل، وأبو نعيم في الدلائل برقم(418، 417) وذكرها الحاكم في المستدرك(3 / 295)
4- معجزة شفاء الضرير بدعائه صلى الله عليه وسلم:
عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أدع الله أن يعافيني فقال: (إن شئت أخّرت ذلك فهو أفضل لآخرتك، وأن شئت دعوت لك) قال:لا، بل ادع الله لي قال:- فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين، وأن يدعو بهذا الدعاء:-
(اللهم أني أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة،يا محمد أني أتوجه بك في حاجتي هذه فتُقضى،اللهم شفعة في) ففعل الرجل فبرأ،فشفاء هذا الضرير آية من نبوته [ رواه البخاري في التاريخ الكبير 6/210،والطبراني في المعجم الكبير 9/19 وصححه وسلمه الذهبي، والبيهقي في دلائل النبوة 6/166 وغيرهم ]
وهذا الدعاء خاص في حياته صلى الله عليه وسلم وليس بعد مماته فلُيعلم.
5- خروج الجن من الصبي بدعائه صلى الله عليه وسلم:
عن أبن عباس رضي الله عنهما قال:-أن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:يا رسول الله أن به لمماً، وأنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا قال:- فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فثعّ (أي قاء أو سعل مرة واحدة) فخرج منه مثل الجرو الأسود يسعى. [ رواه الدرامي ]
6- معجزة فيضأن ماء بئر الحديبية:
ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه لما كان بالحديبية هو وأصحابه سنة ست من الهجرة وكان بالحديبية بئر ماء فنزحها أصحابه بالسقي منها حتى لم يبقى فيها ما يملأ كأس ماء وكانوا ألفًا وأربعمائة رجل، وخافوا العطش فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم، فجاء فجلس على حافة البئر، فدعا بماء فجئ به إليه فتمضمض منه،ومج ما تمضمض به في البئر، فما هي إلا لحظات، وإذا البئر فيها ماء فأخذوا يسقون فسقوا وملئوا أوانيهم وأدوات حمل الماء عندهم وهم كما تقدم ألف وأربعمائة رجل، وهم أهل بيعة الرضوان الذين رضي الله عنهم وأنزل فيهم قوله تعالى من سورة الفتح:-(لَقَد رَضِيَ الله عَنِ المُؤمِنِينَ إَذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الَشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِم فَأنزَلَ السَّكِيَنَة عَلَيْهِمْ وأثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً). [ رواه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة ]
7- معجزة الطعام القليل يشبع العدد الكثير:
روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قوله: قال أبو طلحة لأم سُليم: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت:نعم، فأخرجت أقراصًا من شعير، ثم أخرجت خِماراً لها فلفت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-(أرسلك أبو طلحة؟) فقلت: نعم، قال
بطعام؟) قلت:نعم، فقال:- رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه(قوموا) فأنطلق، وانطلقت ين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة:- يا أم سُليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليس عندنا ما نطعمهم فقالت: الله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-(هلم يا أم سُليم ما عندك؟) فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت، وعصرت أم سُليم عكة فآدمته، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول،ثم قال:-(ائذن لعشرة) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا،ثم خرجوا، ثم قال،(ائذن لعشرة)، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال،(ائذن لعشرة) فأكل القوم كلهم، والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً.أليست هذه معجزة؟ بلى وربي أنها لمن أعظم المعجزات. [ صحيح البخاري / علامات النبوة ] [ صحيح مسلم / الأشربة ]
8- معجزة تكثير الطعام:
عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير فما زال الرجل يأكل منه هو وامرأته ووصيف لهم حتى كالوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو لم تكيلوه لأكلتم منه ولقام لكم" [ صحيح مسلم في معجزات النبي ، رواه احمد في مسنده ]
قال أبو طلحة الأنصاري في حديثه المشهور
(أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين رجلاً من أقراص شعير جاء بها أنس تحت إبطه)) [ البخاري في كتاب المناقب _ ومسلم 3 / 1612 والترمذي 5 / 595 والبيهقي في الدلائل ]
وقال جابر بن عبد الله
(أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق من صاع شعير وعناق(الأنثى من أولاد المعز) ألف رجل حتى تركوا وانحرفوا(مالوا عن الطعام)، وأن البرمة لتغط كما هي وأن العجين ليخبر)) [ البخاري في كتاب المغازي ومسلم 3 / 1610 والترمذي 5 / 595 ]
إن معجزة تكثير الطعام والشراب قد تكررت فبلغت عشرات المرات، وفي ظروف مختلفة، ومناسبات عديدة، فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه
(كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير قال فنفدت أزواد القوم _ أي نفد زادهم واحتاجوا إلى طعام _ قال حتى هم بنحر بعض حمائلهم قال فقال عمر: يا رسول الله لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها؟(أي بقاياه) قال ففعل قال فجاء ذو البر ببره وذو التمر بتمره قال وقال مجاهد وذو النواة بنواه قلت وما كانوا يصنعون بالنوى قال كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء قال فدعا عليها حتى ملأ القوم أزودتهم قال فقال عند ذلك: "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة" [ صحيح مسلم، والنسائي ]
9 - معجزة تكثيره عليه السلام السمن لأم سليم:
عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:- كانت لأمي أم سليم شاة فجمعت من سمنها في عكة فملأت العكة ثم بعثت بها ربيبة، فقالت:يا ربيبة أبلغي هذا العكة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتدم بها، فانطلقت بها ربيبة حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هذه عكة سمن بعثت بها إليك أم سُليم قال:-(أفرغوا لها عكتها) فأفرغت العكة ودفعت إليها قالت:- فانطلقت بها، وجئت وأم سليم ليست في البيت،فعلقت العكة على وتد، فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئة تقطر فقالت:يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت:- بلى قد فعلت فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت ومعها ربيية، فقالت يا رسول الله إني بعثت معها إليك بعكة فيها سمن قال:-(قد فعلت، قد جاءت) قالت:والذي بعثك بالحق، ودين الحق أنها لممتلئة تقطر سمناً، قال أنس: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-(يا أم سليم أتعجبين إن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه! كلي وأطعمي) قالت فجئت إلى البيت فقسمت في قعب لنا، وتركت فيها ما أتئد منا به شهراً أو شهرين، فكون العكة تمتلئ بعد إفراغها والأكل منه طرة شهرين من معجزاته.
10- معجزة نزول المطر بدعائه:
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: أصابت الناس سنة(جدب) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة فقام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله أن يسقينا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما رأينا في السماء قزعة (قطعة سحاب) فو الذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار(أنتشر) سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر(يتقاطر) على لحيته قال: فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو قال غيره، فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال:"اللهم حوالينا ولا علينا" قال: فما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا فرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة (أي حتى صارت السحب والغيوم محيطة بالمدينة) في السحاب، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود. [ صحيح البخاري / كتاب الجمعة ]
11- معجزة حنين جذع النخل شوقاً إليه صلى الله عليه وسلم:
روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال
(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد، فلما صنع له المنبر فاستوى عليه، صاحت النخلة التي كان يخطب عليها حتى كادت أن تنشق، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها فضمها إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت، قال: بكت على ما كانت تسمع من الذكر)) [ رواه البخاري ]
وحديث حنين الجذع هو حديث مشهور معروف متواتر قد خرجه أهل الصحيح ورواه الأكابر / من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم منهم / أبي ابن كعب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأبو سعيد الخدري وبريدة وأم سلمة وسهل ابن سعد.
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في كتاب المناقب(فتح 6/601) والترمذي في كتاب الجمعة(2 / 379،) والبيهقي في الدلائل(6 / 66).
12- معجزة تحول جذل الحطب سيفاً:
الجذل:هو عود غليظ من أصل الشجرة، لقد انكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدر فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذل حطب فقال له:-(اضرب به) فانقلب في يده سيفاً، صارماً طويلاً أبيضاً شديد المتن، فقاتل به، ثم لم يزل عنده يشهد به المواقف إلى أن استشهد عكاشة في قتال أهل الردة، وبعدما قتل بلعت الأرض ذلك السيف.
13- معجزة نطق الغزالة ووفاؤها له صلى الله عليه وسلم:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية، فشدوها على عمود فسطاط، فقالت: يا رسول الله أني أُخذت ولي خِشفان(الولد الصغير) فاستأذن لي أرضعهما وأعود إليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم(أين صاحب هذه؟) فقال القوم نحن يا رسول الله قال:-(خلوا عنها حتى تأتي خشفيها ترضعهما وترجع إليكم) فقالوا من لنا بذلك؟ قال:-(أنا) فأطلقوها،فذهبت فأرضعت خشفيها ثم رجعت إليهم، فأوثقوها فمر بهم صلى الله عليه وسلم فقال:-(أين صاحب هذه؟) فقالوا:-هذا يا رسول الله فقال(تبيعونها؟) فقالوا:- هي لك يا رسول الله، فقال:-(خلو عنها فأطلقوها) فذهبت،فنُطقها آية من نبوته.
14- معجزة انقياد الشجر له صلى الله عليه وسلم:
روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:- سهرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفيح(أي واسعاً رحباً) فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فأتبعتُه بإداوةٍ فيها ماء، فنظر فلم ير شيئاً يستتر به، وإذ شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق إلى إحداهما فأخذ ببعض من أغصانها، وقال:-(انقادي علي بإذن الله) فانقادت معه كالبعير المخشوش (الذي جعل في أنفه الخشائش وهو العود، يجعل في عظم أنف الجمل لينقاد) الذي يُصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، حتى إذا كان بالمنتصف فيما بينهما لاءم أي جمعهما، وقال:-(التئما إلي علي بإذن الله) فالتأمتا، قال جابر:- فخرجت أحضر(أي أعدو بشدة) مخافة أن يحس بقربي منه فيبعد، فجلست أحدث نفسي، فحانت مني التفاته، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل وإذا الشجرتان قد افترقتا. [ صحيح مسلم ]
وعن ابن عباس، رضي الله عنه، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بم أعرف أنك رسول الله؟ قال
(أرأيت أن دعوت هذا العذق من الشجرة تشهد أني رسول الله؟)) قال: نعم. قال: فدعا العذق، فجعل العذق ينزل من النخلة حتى سقط إلى الأرض ينقز، فأقبل إليه، وهو يسجد ويرفع ويمجد ويرفع حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له
(ارجع)) فرجع إلى مكانه، فقال الأعرابي: والله لا أكذبك بشيء تقوله بعدها أبداً، أنا أشهد أنك رسول الله، وآمن. [ أخرجه البخاري في تاريخه، والترمذي في أبواب المناقب(3628) وأخرجه البزار، وأبو يعلى ]
15 - معجزة سكون اضطراب الجبل بأمر الرسول:
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال
(اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان.)) وفي رواية: فضربه برجله وقال
(أثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان)) [ رواه البخاري في كتاب فضال الصحابة] [صحيح ابن حبان ج14/ص415].
16 - من معجزاته صلى الله عليه وسلم إخبار الشاة له أنها مسمومة:
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، ولما أكل منها أخبرته الشاة أنها مسمومة، فجيء باليهودية إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: "لا، ما كان الله ليسلطك علي". [ متفق عليه ] [ أخرجه البخاري في كتاب الهبة ومسلم 4 / 1721 ] [البيهقي في الدلائل ]
17 - ومن علامات نبوته ذعر أبو جهل عندما أراد أن يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم:
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم فقال: واللات والعزى لإن رأيته يفعل ذلك لأطإن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، _ ليطأ على رقبته _ قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه قال: فقيل له مالك؟ فقال: أن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً)) [ صحيح مسلم 17/ 14 ]
18- من علامات النبوة إخباره عليه الصلاة والسلام عن غيوب مستقبلية فوقعت كما أخبر:
أولاً:- قوله صلى الله عليه وسلم في الحسن رضي الله عنهما
(إن ابني هذا سيد وسيُصلح الله به بين فئتين عظيمتين)) فكأن الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد أصلح به بين من كان مع الحسن وبين من كان مع معاوية رضي الله عنهم. [ رواه البخاري في صحيحه ]
ثانيًا:- قوله صلى الله عليه وسلم:-((اُثبت أُحد فإنما عليك نبي وصدّيق وشهيدان)).
فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فمات أبو بكر بمرض أصابه، وقُتل عمر في المحراب شهيداً،وقُتل عثمان في داره شهيداً، فرضي الله عنهم أجمعين. [ رواه البخاري ]
ثالثا: إخباره صلى الله عليه وسلم عن فتح القسطنطينية ورومية(روما)
روى أحمد في مسنده عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو ابن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق، قال: فأخرج منه كتاباً، قال فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولاً، أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(مدينة هرقل تفتح أولاً)) يعني القسطنطينية. والحديث صححه الحاكم والذهبي ووافقهما الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة.
وقد وقع الأمر كما أخبر به صلى الله عليه وسلم فتحقق فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح العثماني رحمه الله كما هو معروف بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح.
رابعاً :- قوله صلى الله عليه وسلم:-(إن هذا قبر أبي رِغال، وإن معه غصناً من ذهب) فحفروه فوجدوه كما أخبر النبي صلى الله عله وسلم، وذلك حين كان ذاهباً إلى الطائف، فكان هذا الخبر آية نبوته صلى الله عليه وسلم.
خامساً:- قوله صلى الله عليه وسلم لخباب بنت الأرتّ وقد جاء يشكو إليه ما يلقي المؤمنون كفار قريش، يطلب من أن يستنصر الله تعالى لهم، قال له وقد أحمر وجهه صلى الله عليه وسلم أو تغير لونه، فقال له:-(لقد كان من قبلكم تحفر له الحفرة، ويجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق نصفين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب ما بين صنعاء إلى حضرموت، ما يخشى إلا الله والذئب على غنمه). وقد تم هذا كما أخبر صلى الله عليه وسلم. [ صحيح البخاري ]
سادساً :- قوله صلى الله عليه وسلم
مُنعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر أرد بها ودينارها، وعُدتم من حيث بدأتم) فهذا الخبر قد وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فقد منعت العراق، ومنعت الشام، ومنعت مصر، ما كانوا يؤدونه إلى أهل الحجاز من خراج وغيره، وعاد أهل الحجاز كما بدؤوا فمسهم الجوع، ونالهم بعد ما أصابهم من رغد العيش وسعة الرزق.
سابعاً :- قوله صلى الله عليه وسلم
(الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يؤتي الله ملكه من يشاء)) فهذا الخبر من أنباء الغيب، إذ كانت خلافة أبي بكر سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال، وكانت خلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام، وخلافة عثمان اثنتي عشر سنة إلا اثني عشر يوماً، وكانت خلافة علي خمس سنوات إلا شهرين، وتكميل الثلاثين بخلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما، إذ كانت نحو من ستة أشهر، ثم نزل عليهما لمعاوية عام أربعين من الهجرة
أبو بكر 2 سنة 3 أشهر 20 يوم
عـمر 10 سنوات 6 شهر 4 أيام
عثمان 11 سنة 11 شهر 18 يوم
علـي 4 سنوات 10 أشهر
الحسن شهريــــــــن
المجـموع = 30 ســنة
ثامناً:- قوله صلى الله عليه وسلم في عثمان رضي الله عنه،((افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)) وذلك في حديث صحيح ونصهُ: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً(بستان) فدلى رجليه في القف(الدكة تجعل حول البئر يجلس عليها وتدلى الأرجل في الماء المستخرج من البئر) فقال أبو موسى وكان معه:- لأكونن اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست خلف الباب فجاء رجل فقال:أفتح فقلت من أنت؟ قال أبو بكر، فأخبرتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
أفتح له وبشرهُ بالجنة) ثم جاء عمر، فقال كذلك، ثم جاء عثمان فقال: ((ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)) فهذا الخبر من أنباء الغيب الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم.
تاسعاً: قوله صلى الله عليه وسلم:-((إن جبريل كان يعارضني القرآن كل عام مرة،وإنه عارضني العام مرتين، وما أرى ذلك إلا اقتراب أجلي))، فبكت فاطمة ثم سارها فأخبرها بأنها سيدة نساء أهل الجنة، وأنها أول أهله لحوقاً به، فكان كما أخبر إذ ماتت بعده بستة أشهر، ولم يمت قبلها من آل البيت أحد، فكأن هذا الخبر آية من نبوته صلى الله عليه وسلم.
عاشراً: قوله صلى الله عليه وسلم لنسائه:-((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحواب)) وكان ذلك كما أخبر، فقد خرجت عائشة رضي الله عنها تُريد الصلح بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في وقعة الجمل، فلما بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب، فقالت رضي الله عنها:أي ماءٍ هذا؟ فقالوا: ماء الحواب،فقالت: ما أظنني إلا راجعه:فقال بعض من كان معها: بل تقدمي فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه سلم قال لنا ذات يوم:- قال:-((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحواب)) فهذا الخبر الصادق قد وقع كما أخبر به قبل وقوعه بكذا سنة.
الحادي عشر:- قوله صلى الله عليه وسلم في حديث احمد عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي حين ولى غزوة العشيرة
يا أبا تراب ألا أحدثك بأشقى الناس رجلين؟) قلنا بلى يا رسول الله: قال(أحيمر ثمود، الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه - يعني قرنه - حتى يبل أي بالدم هذه أي لحيته) [ صحيح الجامع الصغير ]
فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم فقد ضربه رضي الله عنه عبد الرحمن بن ملجم أحد الخوارج بالكوفة فقتله على نحو ما أخبر عليه الصلاة والسلام.
الثاني عشر:- قوله صلى الله عليه وسلم((سيكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند)) فهذا الخبر الصادق وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم فقد فتح المسلمون الهند أيام معاوية سنة 44هـ أربع وأربعين ثم توالى الغزو والفتح كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
رابع عشر:- قوله صلى الله عليه وسلم في سُهيل بن عمرو:-(عسى أن يقوم مقاماً يسرك يا عمر) وذلك يوم صلح الحديبية حيث غضب عمر رضي الله عنه من تعنت سُهيل وكان ممثلاً لقريش يومئذ فقال له صلى الله عليه وسلم:-(عسى أن يقوم مقاماً يسرك يا عمر) وكان الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم إذ مات الرسول صلى الله عليه وسلم واضطربت البلاد ونجم الكفر ووقف سهيل بن عمرو رضي الله عنه بباب الكعبة بمكة فخطب فثبت أهل مكة وقوى بصائرهم فحفظهم الله من الردة بسببه وهو موقف سر عمر والمؤمنين وصدق عليه الصلاة والسلام.
خامس عشر: النبي صلى الله عليه وسلم يخبر وهو في المدينة أن أمته ستفتح كنوز كسرى:
روى الإمام البخاري رحمه الله بإسناده إلى عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل. فقال: [يا عدي، هل رأيت الحيرة؟] قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: [فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله، قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دعار(الدعار هو الخبث الشديد) طيء الذين قد سعروا البلاد؟ ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى]. قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: [كسرى بن هرمز. ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمأن يترجم له، فيقولن ألم أبعث إليك رسولاً فيبلغك فيقول بلى فيقول: ألم أعطك مالاً وأفضل عليك؟ فيقول: بلى!! فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم]. قال عدي: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: [اتقوا النار ولول بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة]. قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: يخرج ملء كفه.(رواه البخاري)
سادس عشر: إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله.
سابع عشر: الإخبار عن فتح خيبر من الغد فتم ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: قال عليه الصلاة والسلام في غزوة خيبر:-((لأعطين هذه الراية غدا رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)) قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب" فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال : فأرسلوا إليه (ائتوني به) فأُتي به فنفث في عينه بقليل من ريقه عليه الصلاة والسلام فبرأ لتوه ولم يمرض بعينه قط. [ رواه البخاري في كتاب الغزوات ورواه مسلم في باب فضائل الصحابة]
وفي الحديث معجزتين ظاهرتين للنبي صلى الله عليه وسلم الأولى إخباره بأن الله تعالى يفتح على يديه خيبر فكان كما أخبر، والثانية شفائه علي رضي الله عنه وأرضاه.
الثامن عشر: ومن علامات نبوته صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن مصارع المشركين في بدر قبل مصرعهم: روى مسلم في صحيحه وأحمد _ واللفظ له _ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة فترائينا الهلال وكنت حديد البصر فرأيته فجعلت أقول لعمر: أما تراه، قال سأراه وأنا مستلق على فراشي، ثم أخذ يحدثنا عن أهل بدر، قال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرينا مصارعهم بالأمس، يقول
(هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله تعالى، وهذا مصرع فلان غداً أن شاء الله تعالى)) قال: فجعلوا يصرعون عليها قال، قلت والذي بعثك بالحق ما أخطئوا تيك كانوا يصرعون عليها.
التاسع عشر: إخباره صلى الله عليه وسلم عن مقتل أمراء مؤتة قبل أن يأتي الخبر بمقتلهم:
روى البخاري في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: ((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحه فأصيب - وعيناه تذرفان _ حتى أخذها سيف من سيوف الله _ يعني خالد ابن الوليد رضي الله عنه _ حتى فتح الله عليهم)) [ الفتح 9 / 54 ]
عشرون: إخباره صلى الله عليه وسلم بفساد بعض أحوال المسلمين وقتالهم بعضهم بعضاً بعد فتح فارس والروم:
قال مسلم رحمه الله: حدثنا عمرو بن سواد العامري أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن العاص حدثه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم؟ ] قال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أو غير ذلك. تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون أو نحو ذلك، ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض](مسلم 4/2274)
قلت: وللأسف فقد حدث ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقتل المهاجرين والأنصار بعضهم بعضاً في الجمل وصفين!! فأنا لله وأنا إليه راجعون
الحادي والعشرون: أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه لا تقوم الساعة حتى تقاتل أمته قوماً صغار الأعين ذلف الأنوف(قصر الأنف مع انبطاحه)، وهذه حلية التتار، فكان كذلك ووقع ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
الثاني والعشرون: أخبر صلى الله عليه وسلم بأن عماراً ستقتله الفئة الباغية، فقتل يوم صفين مع علي رضي الله عنه [ رواه البخاري: الصلاة [ 1 / 644 ] ومسلم: الفتن [ 4 / 2915 ] وأخرجه مسلم في صحيحه رقم(2916) من حديث أم سلمة.
الثالث والعشرون: أخبر صلى الله عليه وسلم بقتال الخوارج، ووصف لهم الثدية، فحدث كما وصف سواء بسواء. وأحاديث قتال الخوارج متواترة، أنظرها في السنة لأبن أبي عاصم(2 / 623 _ 2233) من حديث أبي بكرة.
الثالث والعشرون: أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بأنه سوف تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى، فوقع ما أخبر به، وكان ظهور هذه النار في سنة بضع وخمسين وستمائة، وتواتر أمرها. [ البخاري: الفتن 13 / 84 ] [ مسلم: الفتن 4 / 2227 ] رقم(2902) قال النووي: تواتر العلم بخروج هذه النار عند أهل الشام _ وبصرى مدينة معروفة بالشام، تبعد عن دمشق حوالي 100 كم شرقاً.
وأخيرًا وبعد هذا العرض لبعض المعجزات الظاهرة للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم نقول: تعساً والله لمن لا يعتبر..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
اتمنى ان ينل اعجابكم بقلم ولاء عاطف محمد قسم انجليزى عام